د. جميل زيدان يكتب: الصحة الواحدة.. نهج شامل لصحة الإنسان والحيوان والبيئة

في عالم تتزايد فيه التحديات الصحية والبيئية، يبرز مفهوم "الصحة الواحدة" كإستراتيجية متكاملة تربط بين صحة الإنسان والحيوان والبيئة. هذا النهج يعكس إدراكًا متناميًا بأن الأمراض والأوبئة لا تعترف بالحدود، وأن رفاهية الإنسان مرهونة بتوازن البيئة وسلامة الحيوان.
تشير الدراسات إلى أن 60% من الأمراض المعدية لدى البشر مصدرها حيواني، مثل داء الكلب، السالمونيلا، الإيبولا، وفيروس كورونا المستجد.، كما أن التغيرات المناخية، وتدمير المواطن الطبيعية، والتوسع العمراني، كلها عوامل تزيد من فرص انتقال الأمراض وتهدد الأمن الصحي العالمي.
الأمراض الفيروسية العابرة للإنسان والحيوان مثل الحمى القلاعية، الجلد العقدي، وحمى الوادي المتصدع، تسبّب خسائر بشرية واقتصادية فادحة، ما يستدعي خططًا وقائية مشتركة وتطوير لقاحات وأدوية فعّالة.
ولا يقتصر الأمر على الجانب الطبي، بل يتطلب أيضًا تعزيز الوعي المجتمعي، خاصة في المناطق الريفية، بنشر الممارسات الصحية السليمة وتوضيح أثر التغيرات البيئية على الصحة العامة.
التجارب الدولية تثبت أن التعاون بين الحكومات والمنظمات مثل منظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO) أسهم في تطوير لقاحات وإنشاء شبكات إنذار مبكر للأمراض العابرة للحدود.
أما التحديات، فتتمثل في ضعف التمويل والبنية التحتية في بعض الدول. والحلول تكمن في شراكات بين الحكومات والقطاع الخاص، واستثمار أكبر في البحث العلمي، مع الاستفادة من التجارب الناجحة لدول مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة.
إن "الصحة الواحدة" ليست خيارًا، بل ضرورة ملحة لضمان مستقبل آمن وصحي للأجيال المقبلة، عبر تعاون علمي ومجتمعي وسياسي يحقق التكامل بين الإنسان والحيوان والبيئة.