إيناس العدوي تكتب : طفرة بترولية غير مسبوقة.. واكتشافات تعزز أمن الطاقة المصري

إيناس العدوي تكتب : طفرة بترولية غير مسبوقة.. واكتشافات تعزز أمن الطاقة المصري
الكاتبة الصحفية /إيناس العدوي

يشهد قطاع البترول المصري خلال الشهور الستة الأخيرة طفرة حقيقية في أنشطة البحث والاستكشاف، تُعد من بين الأقوى خلال السنوات الأخيرة، سواء على مستوى عدد الاكتشافات الجديدة أو حجم الاستثمارات التي ضُخت في السوق. وبين يونيو 2025 وحتى نوفمبر الجاري، تكشف البيانات الرسمية عن سلسلة اكتشافات مهمة في الزيت الخام والغاز الطبيعي، إلى جانب عقود جديدة تستهدف فتح آفاق واسعة أمام الاستكشاف بالمياه العميقة والصحراء الغربية وخليج السويس.

اكتشافات تضيف زخماً للإنتاج المحلي

البداية جاءت في يونيو 2025، مع إعلان الشركة العامة للبترول عن اكتشافها البارز GPR-1X في منطقة أبو سنان بالصحراء الغربية، والذي أظهر في اختباراته الأولية قدرة إنتاجية تبلغ 1,400 برميل زيت خام يومياً، إلى جانب مليون قدم مكعب يومياً من الغاز، مع تقدير احتياطي قابل للاستخراج يصل إلى 2 مليون برميل. وهو اكتشاف أعاد التأكيد على استمرار الصحراء الغربية في لعب دورها كأحد أهم أحواض الإنتاج في مصر.

وخلال الفترة من يوليو إلى أكتوبر، واصل القطاع تسطير نجاحاته عبر نحو 18 اكتشافاً جديداً للزيت الخام والغاز في الصحراء الغربية ودلتا النيل ومناطق شرق الصحراء، دُمج 13 اكتشافاً منها بالفعل في خريطة الإنتاج، بإضافات مؤثرة على إنتاج النفط والمكثفات والغاز. وشملت الاكتشافات آباراً جديدة مثل بئر بدر -15 التي دعمت إنتاج الغاز بإضافات احتياطية مهمة.

هذه الاكتشافات المتتابعة تعكس ارتفاع وتيرة أعمال المسح السيزمي، وتكثيف برامج الحفر والتنقيب، وتؤكد أن القطاع يسير بخطى ثابتة نحو الاستفادة من الإمكانات غير المستغلة في مناطق الامتياز المختلفة.

استثمارات قوية تتجاوز 460 مليون دولار في نصف عام

على الجانب الاستثماري، شهد القطاع حراكاً ملحوظاً يعكس ثقة الشركات العالمية في السوق المصرية، حيث تم خلال الفترة ما بين يونيو ونوفمبر الإعلان عن عقود واتفاقيات استكشافية وتنموية بإجمالي استثمارات لا يقل عن 461.5 مليون دولار كقيمة معلنة رسمياً.

وجاء أبرزها في أغسطس 2025، حينما أعلنت وزارة البترول عن حزمة عقود استكشافية بقيمة 340 مليون دولار تشمل مناطق بالبحر المتوسط ودلتا النيل، بمشاركة شركات كبرى مثل Shell وEni وتحالفات دولية أخرى.

وفي سبتمبر، وقّعت الهيئة العامة للبترول ثلاث اتفاقيات جديدة بإجمالي استثمارات يصل إلى أكثر من 120 مليون دولار، مع شركات عالمية مثل Perenco ودراجون أويل  و أباتشي ، لحفر آبار جديدة في خليج السويس والصحراء الغربية وشمال سيناء.

كما شهدت هذه الفترة توقيع مذكرة تفاهم بين شركة إيجاس  وشركة بي بي  لحفر خمسة آبار بحرية جديدة في البحر المتوسط، بما يعزز قدرات مصر على اكتشاف موارد غاز إضافية في المياه العميقة.

نحو تعزيز استقرار سوق الطاقة المحلي

هذه الاكتشافات، إلى جانب التدفقات الاستثمارية المستمرة، تحمل رسالة واضحة: مصر تدخل مرحلة جديدة من تعزيز أمن الطاقة، وتقليل فجوة الاستهلاك المحلي من المنتجات البترولية، ورفع كفاءة الاعتماد على الإنتاج المحلي من الزيت الخام والغاز.

فالنجاحات الأخيرة لا تقتصر على اكتشافات ترفع الاحتياطيات فقط، بل تمتد إلى دعم معامل التكرير وخطط التوسع في البنية التحتية للغاز، بما يمهّد لتحقيق استقرار طويل الأمد في سوق المحروقات، وتقليل الحاجة إلى الاستيراد، وتوفير العملة الصعبة.

يقف قطاع البترول المصري اليوم على أرض صلبة، مستنداً إلى اكتشافات كبيرة واستثمارات عالمية تتدفق بثقة إلى السوق المصرية. ومع استمرار برامج الحفر، وإطلاق جولات عطاءات جديدة، والعمل بالتوازي على تحسين كفاءة الإنتاج والتكرير، تبدو مصر في طريقها لتعزيز مكانتها كأحد أهم مراكز الطاقة في المنطقة.