د مُحَمَّد عَبْدالرَؤُوف يَكْتُب " انْبِذُوه حَيْث وَجَدْتُمُوه "

د مُحَمَّد عَبْدالرَؤُوف يَكْتُب  " انْبِذُوه حَيْث وَجَدْتُمُوه "
د مُحَمَّد عَبْدالرَؤُوف رئيس التحالف القومي للبتروكيماويات

الشَّخْص السلبي والمتشائم . . "انبذوه حَيْث وجدتموه" . . مِنْ أَجْلِ الوَطَن . 

فلاشك أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الشَّخْصِ السلبي وَالشَّخْص الْإِيجَابِيّ هِيَ نَفْسُ الْمُفَارَقَةُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ . . وَبَيْن الْجَمَاد والكائن الْحَيّ . . وَبَيْن الْعَدَم وَالْوُجُود . . وَبَيْن الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ . 

وَمَا أَبْلَغ قَوْلِ اللَّهِ عزوجل { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } . . وَصْفِ الْإِنْسَانِ السلبي فِي هَذِهِ الْآيَةِ ب” كَلٌّ” وَهُوَ وَصْفُ أَصْعَبُ مِنْ سَلَبِي . . لِأَنّ سَلَبِي مَعْنَاهَا غَيْرَ فِعَالِ أَمَّا "كَلٌّ " فَمَعْنَاهَا الثَّقِيل الكَسُول وَقَبْلَ هَذَا فَهُوَ “أبكم” لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَرْتَفِعُ لَهُ صَوْتٌ .  

فَالْإِنْسَان السلبي صَاحِب نَظَرِه تشاؤمية وَهِيَ الْغَالِبَة عَلَيْهِ فِي كَافَّة تَصَرُّفَاتِه . . فَهُوَ لَا يَرَى للنجاح مَعْنَى . . وَلَا يُؤْمَنُ بِمَسِيرَة أَلْف مَيْل تَبْدَأ بِخُطْوَة . . وَلَيْسَ عِنْدَهُ هَمُّه الْخُطْوَة الْأُولَى . . وَلَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يُحَرِّكُ ساكناَ . . وَإِن تَجَرَّأ وَفَعَلَ فِي مَرَّةٍ مَا . . يَتَوَقَّف مِئات الْمَرَّات . 

الْإِيجَابِيَّة وَالتَّفَاؤُل هِي أَهَمّ وَسِيلَةٌ لنهضة أَي دَوْلَة . . فَمَن الْحَقَائِق المسلِّم بِهَا إنْ نَهْضَة الْمُؤَسَّسَات وَالدُّوَل تَقُومُ عَلَى أَفْرَادِ إيجابيين مُمَيِّزَيْن بِالْأَفْكَار الطموحة وَالْإِرَادَة الْحَقِيقِيَّة . . كَمَا أَنَّهَا نَجَاةٍ مِنْ هَلَاكِ الْأُمَم والشعوب . . { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } . . وَلَمْ يَقُلْ صَالِحُون إنَّمَا قَالَ مُصْلِحُون . . وَهُنَاك فَارَق كَبِيرٌ جِدًّا بَيْن صَالِح ومصلح . . فالصالح صَلَاحِه بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ . . أَمَّا الْمُصْلِح فَإِنَّهُ يَقُومُ بِإِصْلاحِ نَفْسِهِ أَوَّلًا ثُمَّ إصْلَاح غَيْرِه ومجابهة المتشائمين والمفسدين المعرقلين لِكُلّ تَنْمِيَة . . المحبطين للهمم . . المقزمين لِكُلّ إِنْجاز عِمْلَاق . 

فالإيجابي يُفَكِّرُ فِي الْحِلِّ لِكُلّ مُشْكِلَةٌ . . وَيَرَى أَنَّ لِكُلِّ مُشْكِلَةٌ لَها حَلاًّ . . والسلبي يُفَكِّرُ فِي أَنَّ الْمُشْكِلَة لَا حَلُّ لَهَا . . . بَلْ يَرَى مُشْكِلَةٌ فِي كُلِّ حَلّ . . فالإيجابي لَا تنضب أَفْكَارِه وَيُرَى فِي الْعَمَلِ وَالْجَدّ امْلَأ والسلبي لَا تنضب إعْذَارُه وَيُرَى فِي الْعَمَلِ أَلَما . فالإيجابي يَصْنَع الْأَحْدَاث وَيَنْظُر لِلْمُسْتَقْبَل والسلبي تَصْنَعُه الْأَحْدَاث وَدَائِم النَّظَر لِلْمَاضِي وَيَخَاف الْمُسْتَقْبَل . 

حِفْظِ اللَّهِ مِصْر قِيادَة وَشِعْبًا طموحين متفائلين متماسكين صَالِحِين مصلحين . . واثقين فِي قَدْرِهِ الْمُولِي عزوجل وَفِي أَنْفُسِهِمْ بِأَن الْقَادِم فِي مِصْرٍ أَفْضَل بِإِذْنِ اللَّهِ .