من أبو قير إلى مليحة: الحقول التي ترفض التقاعد
االنفط لا يشيخ: آبار تتكلم بعد نصف قرن من الصمت

رغم مرور الزمن وتغير خارطة الطاقة العالمية، لا تزال مصر تحتفظ بموقعها كمصدر متجدد للثروات الباطنية، إذ تكشف الحقول القديمة والجديدة عن طاقات كامنة لم تُستغل بالكامل بعد. ويُظهر ملف استكشافات النفط والغاز أن البلاد لم تبلغ ذروتها الإنتاجية، بل ما زالت تطرح مفاجآت متكررة، خصوصًا في دلتا النيل والمياه العميقة بالبحر المتوسط، التي أصبحت من أكثر المناطق جذبًا للاستثمارات الدولية في مجال التنقيب.
دلتا النيل: الامتياز الذي لا يشيخ
في قلب غرب دلتا النيل، تبرز منطقة امتياز الغاز كواحدة من أغزر مناطق الاكتشافات، إذ تواصل إنتاج كميات كبيرة رغم قدمها، وتشكل هدفًا دائمًا لخطط الاستكشاف المتجددة. ومن أبرز الحقول في هذه المنطقة، حقول أبو قير، التي تضم نحو 88 مليون برميل من النفط المكافئ، تشمل الاحتياطيات المؤكدة والمحتملة ضمن حصة شركة إنرجيان اليونانية المشغّلة.
وقد بلغ متوسط الإنتاج اليومي من هذه الحقول نحو 48.1 ألف برميل خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2020، ما يعكس استمرار العطاء في منطقة تُعد من ركائز الطاقة في مصر، وتؤكد أن دلتا النيل لم تقل كلمتها الأخيرة بعد.
الصحراء الغربية: الرمال التي تخبئ الذهب الأسود
أما الصحراء الغربية، فتُعد من أكثر المناطق غنى بالنفط، وتواصل الكشف عن طبقات جديدة واعدة، رغم أن بعض حقولها يعود إلى أكثر من أربعة عقود. من أبرز هذه الحقول:
حقل بدر: يقع في خزان أبو رواش، ويشهد أعمال تنقيب مستمرة بعد اكتشاف طبقات جديدة، ما يعكس قدرة الحقل على التجدد رغم قدمه.
حقل مليحة: أُعلن عنه لأول مرة في مايو 2018، وبدأ إنتاجه في يوليو من العام نفسه بـ5 آلاف برميل يوميًا، ثم ارتفع إلى 7 آلاف برميل في سبتمبر، بفضل جهود شركة إيني الإيطالية التي قادت التطوير بخطى سريعة.
حقل فاجور: يُعد من الحقول الإستراتيجية في المنطقة، وقد تم تطويره عام 2018، وأسهم في تعزيز إنتاج مصر من النفط. في مايو من العام نفسه، أعلنت شركة إيني اكتشافًا نفطيًا جديدًا في امتياز جنوب غرب مليحة، بعد حفر بئر على عمق 5090 مترًا، ما أدى إلى اكتشاف ثلاثة حقول متتالية خلال فترة قصيرة، في إنجاز يعكس نجاح سياسة الاستكشاف في الصحراء الغربية.
البحر المتوسط: ساحة واعدة للاستثمارات
إلى جانب الدلتا والصحراء، تبرز المياه العميقة في البحر المتوسط كمنطقة واعدة، إذ أصبحت من أكثر المواقع جذبًا للاستثمارات الدولية في التنقيب، بفضل ما تحمله من إمكانات ضخمة لم تُستغل بالكامل بعد.
هذا المشهد المتكامل يؤكد أن مصر لا تزال في مرحلة الكشف، لا الاكتفاء، وأن ثرواتها الباطنية تواصل مفاجأة العالم، من دلتا النيل إلى أعماق البحر، ومن الرمال القديمة إلى الحقول المتجددة.