إيناس العدوي تكتب : مصر تستعيد ريادتها.. وأكتوبر يكتب فصلاً جديدًا في الحضور المصري العالمي
في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتتبدل فيه موازين القوى، تثبت مصر أنها الثابت الوحيد في معادلة التغيير، وأنها ما زالت — رغم كل التحديات — قبلة الاستقرار ورمز الريادة الإقليمية. شهر أكتوبر الجاري لم يكن شهرًا عاديًا، بل جاء شاهدًا على عودة الحضور المصري القوي في المشهدين الإقليمي والدولي، عبر سلسلة من الإنجازات السياسية والاقتصادية والثقافية التي رسخت مجددًا مكانة القاهرة كصوتٍ عاقلٍ وفاعلٍ في المنطقة.
قمة السلام في شرم الشيخ.. صوت القاهرة يعلو من أجل الإنسانية
من أرض السلام، شرم الشيخ، عادت مصر لتقود العالم نحو صوت الحكمة، حين دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي قادة العالم إلى إحلال السلام العادل للشعب الفلسطيني ووقف نزيف الدم المستمر في غزة. قمة السلام لم تكن فعالية دبلوماسية عابرة، بل إعلانًا جديدًا لقيادة مصر الأخلاقية والإنسانية في لحظة حرجة من تاريخ المنطقة.
بخطاب متزن وموقف ثابت، أعادت القاهرة التأكيد على أن لا استقرار حقيقي دون عدل، ولا عدل دون سلام شامل يضمن الحقوق الفلسطينية المشروعة.
وهكذا استعادت مصر دورها كوسيط موثوق وضمير للأمة العربية أمام العالم.
الربط الكهربائي المصري السعودي.. جسور طاقة ووحدة مصير
في ميدان التنمية والتكامل، واصلت مصر كتابة فصول جديدة من العمل العربي المشترك. فمشروع الربط الكهربائي المصري السعودي العملاق، الذي تفقده رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، يمثل نقلة استراتيجية كبرى نحو توحيد شبكات الطاقة بين أكبر دولتين في المنطقة، وربط القارات الثلاث: إفريقيا وآسيا وأوروبا. هذا المشروع ليس مجرد بنية تحتية، بل رمز لإرادة عربية تتجاوز الحدود، ونموذج حقيقي لتكامل تنموي يخدم مستقبل الأجيال القادمة.
فوز خالد العناني بمنصب مدير عام اليونسكو.. انتصار جديد للثقافة المصرية
وعلى الصعيد الدولي، عززت مصر مكانتها العالمية بفوز مرشحها الدكتور خالد العناني بمنصب مدير عام منظمة اليونسكو، وهو حدث غير مسبوق يؤكد ريادة مصر الثقافية والعلمية ودورها المحوري في صياغة الفكر الإنساني وحماية التراث العالمي.
فمن أرض الكنانة التي أنارت البشرية أولى دروس الحضارة، يعود صوتها اليوم ليتصدر منبر الثقافة الدولية، حاملاً رسالة السلام والعلم والهوية الإنسانية المشتركة.
اقتصاد يصمد وينمو رغم العواصف
ورغم ما تشهده المنطقة من اضطرابات، أثبت الاقتصاد المصري صلابته وقدرته على التكيف والتعافي. فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي نموًا بلغ 4.4% بنهاية يونيو و5% في الربع الأخير، مدفوعًا بإصلاحات جريئة بدأت منذ مارس 2024، شملت ضبط المالية العامة، وتحرير سعر الصرف، وتحديد سقف للاستثمارات العامة. تلك الإجراءات الصارمة وضعت الاقتصاد المصري على مسار نمو مستدام، حظي بإشادة مؤسسات التمويل الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي وستاندرد آند بورز، التي رفعت التصنيف الائتماني لمصر وأكدت متانة برنامجها الإصلاحي.
الروح المصرية في الملاعب.. عزيمة لا تعرف المستحيل
وفي ميدان الرياضة، تتجلى الروح المصرية الأصيلة في مشوار المنتخب الوطني بتصفيات كأس العالم، ليعكس إصرار المصريين الدائم على تحقيق الإنجاز والانتصار مهما كانت التحديات.
الرياضة، كما الدبلوماسية والاقتصاد، أصبحت ساحة أخرى تُظهر فيها مصر قوة الإرادة والتنظيم والبنية التحتية التي جعلتها عاصمة الرياضة العربية والإفريقية بلا منازع.
مصر.. قلب المنطقة النابض ومركز توازنها
من قمم السلام إلى مقاعد الثقافة العالمية، ومن مشروعات الطاقة إلى الإصلاح الاقتصادي، ومن الميدان السياسي إلى الرياضي، تبرهن مصر في أكتوبر 2025 أنها حاضرة بقوة الفعل لا القول، تقود لا تُقاد، وتبني لا تكتفي بالمراقبة.
إنها مصر التي لا تغيب عن المشهد، لأنها ببساطة تصنعه.وها هي تعود، بثبات وإصرار، لتؤكد للعالم أن دورها الريادي لم يكن يومًا خيارًا، بل قدرًا تاريخيًا رسخته حضارة آلاف السنين.
