غرف الدردشة والسيادة الرقمية: دراسة لـ "فاروس" تحذر من تهديد خصوصية الأفارقة للتحول التنموي

غرف الدردشة والسيادة الرقمية: دراسة لـ "فاروس" تحذر من تهديد خصوصية الأفارقة للتحول التنموي
الذكاء الاصطناعي

​تستقبل القارة الأفريقية تقنية الذكاء الاصطناعي باستحسان كبير، لكونها تمثل وسيلة فعالة لتحقيق طموحاتها التنموية في قطاعات حيوية، وفي مقدمتها التعليم والصحة والاقتصاد، فإلى جانب الخدمات المادية التي يوفرها، حظيت غرف الدردشة باهتمام متزايد، لدورها في تعزيز التواصل الاجتماعي وتقديم خدمات تربوية وعملية.

​لكن هذا الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي لا يخلو من تحديات، أبرزها المخاوف المتعلقة بـخصوصية البيانات، حيث أثيرت قضايا حول قدرة التقنية على منح جهات غير مسؤولة معلومات خاصة وحساسة عن أبناء القارة.

​وفي هذا الصدد، تشير دراسة حديثة لمركز فاروس للدراسات الإفريقية، إلى أن هذه المخاوف دفعت العديد من الدول الأفريقية لإصدار قوانين تقييدية، تهدف إلى وضع عمل الذكاء الاصطناعي في إطاره القانوني السليم، لضمان تحقيق الهدف الخدمي بعيدًا عن أي تجاوزات وانتهاك للخصوصية. 

وتأتي هذه الخطوات في مرحلة مفصلية من التحول الرقمي تسعى فيها الحكومات والمؤسسات الأفريقية لتعزيز قدراتها في مجالات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، انطلاقاً من قناعة بأن هذه التقنية لم تعد خيارًا مستقبليًا، بل عنصرًا أساسيًا لبناء حكومات تنافسية.

الذكاء الاصطناعي: محرك التنمية أم رهان السيادة؟

​الدراسة تؤكد أن دولًا رائدة مثل مصر، وجنوب أفريقيا، وكينيا، ونيجيريا، والمغرب تلعب دورًا محوريًا في قيادة هذا التحول الرقمي عبر تطوير البنية التقنية وبناء الكفاءات.

ويؤمن صانعو القرار بأن الذكاء الاصطناعي يمثل "ابتكارًا يغير قواعد اللعبة"، وله القدرة على تحسين جميع قطاعات النظام الاجتماعي الأفريقي، شريطة توفير البنية الأساسية الكافية وتغيير السياسات الحكومية.

​وفيما يخص أهداف التنمية المستدامة، يوضح خبراء استشهدت بهم الدراسة، أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم بالفعل في القارة لـ"التنبؤ بالأوبئة والفيضانات، وتوفير تشخيصات طبية آلية، وأتمتة تقييمات المتعلمين" وفقًا لمركز فاروس، ما يعوض النقص في الموارد البشرية ويسهم في زيادة الإنتاجية وتحسين الغلات الزراعية.

​تحديات الخصوصية وسباق الابتكار

​على الرغم من الإيجابيات التنموية، تسلط الدراسة الضوء على الجوانب السلبية المقلقة، خاصة في ظل الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي التوليدي، وما يرتبط به من مخاطر التضليل (التزييف العميق)، وتهديدات الأمن السيبراني، واستغلاله في انتحال شخصيات سياسية لنشر معلومات كاذبة، كما حدث في نيجيريا والسودان.

​وتزداد المخاوف الأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية في ظل أن غالبية تصميم وتطوير الذكاء الاصطناعي يخضع لسيطرة شركات تقنية مقرها الولايات المتحدة، وأوروبا، والصين، ما يثير تساؤلات حول حوكمته الفعالة، والأمان المتحقق من الاعتماد عليه.

​ولذلك، تواجه أفريقيا خيارًا حاسمًا: فإما تقييد التكنولوجيا والمخاطرة بالإقصاء من الثورة الصناعية الجديدة، أو تبنيها وتنظيمها. وفي هذا السياق، اعتمد الاتحاد الأفريقي استراتيجية قارية عام 2024 لتبني نهج مستقل في تطوير الذكاء الاصطناعي، مع ضوابط صارمة للحد من المخاطر.

​وتختتم الدراسة بالتأكيد على أن "السيادة الرقمية" باتت مرتبطة بالتحكم في البيانات المحلية، وأن الاعتماد على الأنظمة الأجنبية يهدد استقلال القارة، مما يستلزم سَن تشريعات تضمن سرية المعلومات وتحجيم عمليات تبادل البيانات التي تتم عبر وسائل مثل غرف الدردشة.