ا.د جميل زيدان يكتب : فرصة تاريخية لتقود مصر العالم العربي والإسلامي نحو بناء السلام في الشرق الأوسط

في عالم يعج بالتعقيدات والصراعات، يبدو أن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام فرصة تاريخية لاستعادة دورها القيادي في قضية السلام في الشرق الأوسط. فالقضية الفلسطينية، التي لطالما كانت مركزية في السياسة العربية، باتت اليوم قضية عالمية، تحتاج إلى تحرك مشترك وداعم للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. واليوم، تُعتبر القيادة المصرية حجر الزاوية الذي يمكن أن يقود العالم العربي والإسلامي نحو السلام الدائم عبر تطبيق حل الدولتين، الذي أصبح الخيار الوحيد لتحقيق تسوية عادلة مع إسرائيل.

ا.د جميل زيدان يكتب : فرصة تاريخية لتقود مصر العالم العربي والإسلامي نحو بناء السلام في الشرق الأوسط
ا. د. جميل زيدان

الرؤية المصرية لحل الدولتين

مصر كانت ولا تزال مؤيدة قوية لحل الدولتين، الذي يعترف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية إلى جانب إسرائيل. هذا الحل يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة ويعد السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة. القيادة المصرية تمتلك القدرة على توجيه الدعم السياسي والدبلوماسي اللازم للأطراف المعنية، وتعزيز مكانتها كوسيط مؤثر وموثوق لتحقيق هذا الحل العادل.

مصر كوسيط فعال

على الرغم من التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي أثارت الجدل حول موقفه من القضية الفلسطينية، تبقى مصر صاحبة الدور المحوري في أي تسوية سلمية. فهي قادرة على تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي للأطراف المعنية، وتستطيع أن تكون جسرًا بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبين العرب والمجتمع الدولي. وفي ظل تطورات الأحداث، يمكن لمصر أن تلعب دورًا حاسمًا في الضغط على إسرائيل من خلال تحريك المجتمع الدولي والعربي لإقناعها بضرورة العودة إلى مسار السلام الذي يعتمد على حل الدولتين.

الضغط الدولي والعربي

مصر تتمتع بعلاقات استراتيجية مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، مما يتيح لها القدرة على التأثير في مسار الأحداث ودفع الأطراف المختلفة إلى طاولة المفاوضات. كما أن الدعم الدولي المتزايد لحل الدولتين يعزز من فرص تحقيق هذا الهدف. القيادة المصرية تستطيع توجيه هذه الجهود على مستوى الإقليم والعالم لتشكيل جبهة ضغط فعالة على إسرائيل لتحقيق تسوية عادلة تضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

خيارات أخرى: دعم الحقوق الفلسطينية

إذا استمر رفض إسرائيل لحل الدولتين، قد يكون من الضروري النظر في خيارات أخرى لدعم الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال. من هذه الخيارات دعم "الدفاع المشروع" أو "الحقوق السيادية"، وهو ما يعزز قدرة الفلسطينيين على الدفاع عن حقوقهم وصد الهجمات المتكررة على الشعب الفلسطيني. ولكن يجب أن يكون هذا الدعم محكومًا بالقانون الدولي وبالتنسيق مع الجهود الدولية التي تسعى لتحقيق سلام عادل ومستدام.

القيادة المصرية: السيسي والسادات

الرئيس السيسي يمتلك اليوم الفرصة لاستكمال ما بدأه الرئيس الراحل أنور السادات في 1977، حينما قام بزيارة إسرائيل ودعوة المجتمع الدولي إلى تبني حل الدولتين. هذه الخطوة الشجاعة من السادات كانت نقطة تحول في مسار الصراع العربي الإسرائيلي، والآن، تتكرر تلك اللحظة التاريخية أمام الرئيس السيسي. فمصر اليوم تمتلك القدرة السياسية والدبلوماسية اللازمة للضغط على الأطراف المختلفة لتحقيق هذا الهدف النبيل.

فرصة القيادة المصرية

مصر تحت قيادة السيسي تستطيع أن تلعب دورًا مهمًا في مساعي السلام. علاقتها المتميزة مع القوى الكبرى والأمم المتحدة تمكنها من توحيد المواقف الدولية حول حل الدولتين، وتوجيه الضغوط على إسرائيل للقبول به. القاهرة اليوم تعتبر القوة الإقليمية الأكثر قدرة على التأثير في مواقف العالم العربي والإسلامي، مما يتيح لها قيادة الجهود نحو دفع إسرائيل للتراجع عن سياساتها الاستيطانية في الضفة الغربية.

التحديات والفرص

رغم التحديات الكبيرة التي تواجه مسار السلام، مثل التوسع الاستيطاني الإسرائيلي والصعوبات التي يواجهها الفلسطينيون في إقامة دولتهم المستقلة، إلا أن الظروف الراهنة توفر فرصة مواتية لمصر للتدخل. فهناك دعم دولي متزايد لفكرة "حل الدولتين"، ما يجعل مصر في موقع استراتيجي لزيادة الضغط على إسرائيل. كما أن القاهرة قادرة على دفع العالم العربي والإسلامي إلى الوحدة حول هذا الحل، وهو ما يزيد من فعالية موقفها على الساحة الدولية.

إن هذا الصراع الطويل الأمد بين العرب والإسرائيليين يحتاج إلى قائد حكيم وشجاع على غرار شجاعة السادات. اليوم، قد يكون لدينا فرصة تاريخية لدفع المنطقة نحو المستقبل، عبر التوصل إلى تسوية سلمية دائمة قائمة على العدالة وحقوق الفلسطينيين، كما يتطلبه حل الدولتين.